لجنة حقوق الإنسان الباكستانية: جيلجيت بالتستان في حاجة إلى التغيير
مما ثبت تاريخيا أن باكستان احتلت بشكل غير قانوني أجزاء من ولاية جامو وكشمير الأميرية في عام 1947، الأمر الذي أدى إلى اندلاع حرب بين الهند وباكستان. ومن الغريب أن باكستان ترفض حتى الآن الاعتراف بخيانتها في كشمير، وتواصل الحفاظ على وضع غامض للأراضي المحتلة. ونفس هذا الموقف يوجد فيما يتعلق بكل من أجزاء جامو وكشمير المحتلة من باكستان، ما يسمى آزاد جامو وكشمير وجلجيت بالتستان.
ظلت جلجيت بالتستان في طي النسيان لفترة طويلة منذ عام 1947، وما زالت منطقة خاضعة للسيطرة الباكستانية المباشرة، وذلك على الرغم من عدة جولات من “الانتخابات”، ووجود حكومة، ومجلس تشريعي. في ظل هذه الخلفية، فإن التطورات الأخيرة بما فيها الجهود التي تبذلها الحكومة الباكستانية لمنحها وضعا إقليميا مؤقتا لم تتحقق، مما ترك الناس يائسين وفاقدين للعزيمة.
وحقيقة الأمر هي أن هذه الأرض محل نزاع، وإذا تم ضمها إلى باكستان بشكل قانوني ودستوري، فإن ذلك ينتهك قرارات الأمم المتحدة. وبسبب عدم وجود وضع محدد للمنطقة، تجاهلت الحكومة الباكستانية منذ عدة عقود الناس تماما، ولم تهتم برفاهيتهم. وقد دعا وفد رفيع المستوى من اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان عقب زيارة له إلى جلجيت بالتستان، الحكومة لمعالجة “الحرمان الدستوري والسياسي والاقتصادي” لشعب المنطقة. وكان الوفد متألفا من سليمة هاشمي ومظفر حسين وغازي صلاح الدين وإسرار الدين. وقد تحدث الوفد مع عاملين سياسيين ونشطاء حقوقيين وأعضاء في الأخوة القانونية والقيادات الدينية الذين أعربوا عن خيبة أملهم من فشل الحكومة في دمج المنطقة مع بقية البلاد.
ومن الملاحظ أن عدم الاستقرار السياسي وعدم اليقين بشأن وضع المنطقة لا يزال يزعج المنطقة، ويجعل أهلها يواجهون الآلام. ولطالما طالب مواطنو المنطقة بقدر ضئيل من الحقوق على النحو المنصوص عليه في الدستور الباكستاني في مواجهة نقص حاد في الغذاء والطاقة. ورأت المجموعات التي استشارها الوفد أثناء الزيارة أنه ينبغي منح جلجيت بالتستان على الأقل “وضعا إقليميا مؤقتا” أو ، كخيار أخير، نظام حكم يشابه النظام السائد في آزاد جامو وكشمير.
وفي غضون ذلك، اتصل أعضاء مجلس جيلجيت بالتستان بوزير الشؤون الفيدرالية لكشمير المحتلة قمر زمان كيرة لتفعيل المجلس، وطلبوا منه تحديد سلطته وحقوقه إلى أن يتم تحويل المنطقة إلى مقاطعة مؤقتة. وأكد الوزير للأعضاء أنه سيتم إعداد استراتيجية فعالة بالتعاون مع حكومة جيلجيت بالتستان وجميع أصحاب المصلحة الآخرين.
وقال غازي صلاح الدين في مؤتمر صحفي في النادي الصحفي في جيلجيت إن وضع حقوق الإنسان في المنطقة قد ساء وتدهور، حيث أعرب العاملون السياسيون والنشطاء الحقوقيون والمحامون والزعماء الدينيون عن خيبة أملهم من فشل إسلام أباد في دمجها مع بقية البلاد، مضيفا أن المنطقة لا يمكن أن تستفيد بشكل كامل من الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني بسبب وضعها المتنازع عليه. وقد رأت بعثة لجنة حقوق الإنسان في باكستان أن فرض الجدول الرابع من قانون مكافحة الإرهاب (1997) في كشمير المحتلة ينتهك الحقوق الإنسانية بالنسبة لشعب جيلجيت بالتستان. ويذكر تقرير اللجنة أن فرض الجدول الرابع في المنطقة يعد انتهاكا لحقوق الإنسان.
ومن الجدير بالذكر أن جيلجيت بالتستان أضاف عشرات من العاملين السياسيين والنشطاء الاجتماعيين والزعماء الدينيين إلى قائمة المراقبة التي سميت بالجدول الرابع، والتي تم إنشاؤها بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 1997. في مارس 2022 ذكرت صحيفة “دان” أن الاجتماع رفيع المستوى الذي ترأسه وزير الداخلية البلوشي، قرر إبقاء المراقبة في الجدول الرابع. كما تقرر أنه سيتعين عليهم الحصول على إذن من الإدارة المحلية والشرطة للانتقال من منطقة إلى أخرى. وقد اقترح القادة السياسيون، الذين التقوا بفريق لجنة حقوق الإنسان في باكستان إدراج جيلجيت بالتستان في خطة الإصلاح الانتخابي، التي سيتم تقديمها قريبا، وطالبوا بجعل جيلجيت بالتستان جزءا من عملية الإصلاحات الانتخابية الجارية لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة في هذه المنطقة.
وقد أعربت البعثة عن قلقها حينما علمت أن ضحايا كارثة بحيرة أتاباد عام 2010 لم يتم تعويضهم أو إعادة تأهيلهم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن حقيقة أن التعيينات في السلطة القضائية العليا تتم من قبل رئيس الوزراء تضع علامة استفهام حول استقلالية ونزاهة وحياد القضاء البلوشي، الأمر الذي يقوض ثقة الجمهور بالمؤسسة.
وقد قامت بعثة تقصي الحقائق التابعة للجنة حقوق الإنسان في باكستان تقريرا عن فرض قانون مكافحة الإرهاب والجدول الرابع في جيلجيت بالتستان. وأما البيان الصحفي الصادر عن اللجنة فكان يعرب عن القلق على أن حرية التعبير والتجمع السلمي لا تزال تحت التهديد في المنطقة، كما أن البيان يقول بأنه يستمر توجيه تهم إلى نشطاء الحقوق والعاملين في المجال السياسي والطلاب بموجب قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية. و تعتقد البعثة أن إلغاء سيادة الدولة الخاضعة قد مهد الطريق لاستغلال الموارد الطبيعية المحلية من قبل الشركات الخاصة الخارجية والأفراد غير المقيمين في المنطقة. وقد أدى ذلك إلى حصول تغييرات ديموغرافية في المنطقة، وانتشار الذعر في قلوب السكان، الذين يشعرون أيضا بأن المنطقة يتم إبعادها من مشاريع التنمية، ولا سيما من المشاريع التي يتم إطلاقها في إطار الممر الاقتصادي.
وفي الوقت نفسه، حذرت نقابات التجار في جامو وكشمير المحتلة من باكستان من الإضراب عن العمل وإغلاق عجلة القيادة في 28 يونيو ضد أسوأ فقدان للكهرباء، الأمر الذي أدى إلى شلل الحياة الطبيعية في المنطقة. وفي وقت سابق من مايو 2022، نظم البلوش احتجاجا في مدينة سكاردو ضد الإدارة بسبب نقص الكهرباء وانقطاع التيار الكهربائي يشتكون من تلقيهم فواتير كهربائية باهظة على الرغم من الانقطاع المتكرر للتيار الكهربا ئي الذي تسبب في تدهور الأوضاع المعيشية في جيلجيت بالتستان. وبحسب التقارير، خرج المتظاهرون بانتظام إلى الشوارع ينتقدون الحكومة، ويجادلون بأنه على الرغم من أن المنطقة لديها موارد مائية وفيرة وسدود لتوليد الكهرباء الكافية، فإن السلطات لم تفعل أي شيء لحل أزمة الكهرباء. وهكذا، تبقى جيلجيت بالتستان مجرد أداة في أيدي سماسرة السلطة في إسلام أباد، حيث يستغل الجيش والحزب الحاكم في السلطة ضعفها لغرضه الخاص، على الصعيدين المحلي والدولي. هذا هو الوضع الذي يحتاج إلى التغيير