الصحفيات الأفغانيات يواجهن مشاكل مع تزايد القيود التي تفرضها طالبان

الصحفيات الأفغانيات يواجهن مشاكل مع تزايد  القيود التي تفرضها طالبان
Advertisement

من أحدث القيود المتزايدة التي تفرضها طالبان على المواطنين هو المرسوم الذي يأمر مذيعات الأخبار بتغطية وجوههن على الهواء.

أصبحت “ماهرة” وجها مألوفا في التلفزيون الأفغاني، حيث يكون المشاهدون كل ليلة في ترقب لمشاهدة تقديمها للأخبار. وقد ظلت الصحفية البالغة من العمر 27 عاما هادئة ومتماسكة حتى خلال الأحداث الأخيرة الأكثر اضطرابا، عندما كانت تتحدث عن استيلاء طالبان على أفغانستان. ولكنها فاجأت المشاهدين في يوم السبت حينما ظهرت على الشاشة تغطى وجهها بقناع أسود، وذلك بعد مرسوم من طالبان يأمر مذيعات الأخبار بتغطية وجوههن أثناء وجودهن على الهواء.

قالت ماهرة لقناة الجزيرة وهي تختنق بدموعها.: “كان السبت أحد أصعب أيام حياتي، فقد شعرت أنني لست إنسانا. ويبدو أنني ارتكبت جريمة كبيرة، ولهذا جعلني الله واحدة من مواطني أفغانستان”.

وقالت بصوت يملؤه الغضب: “أي قانون في العالم يلزم النساء بتغطية وجوههن في التلفاز؟ ويُرى أنه في البلدان الإسلامية الأخرى لا ترتدي مذيعات الأخبار الأقنعة.

وقد شاركت سوسان مقدمة البرامج التلفزيونية البالغة من العمر 23 عاما ماهرة غضبها. إنها بدأت العمل في وسائل الإعلام في عام 2019، على أمل اتباع خطى الصحفيات الأفغانيات الشجعان اللواتي شاهدتهن وهم يقمن بتغطية الأحداث في طول البلاد وعرضها.

وقالت للجزيرة: “لقد أنجزنا الكثير فيما مر من الأيام، وكان لدينا وسائل إعلام حرة قوية، مع وجود عدد متزايد للمرأة في كل قطاع، ولكن انظر إلى أين نحن الآن. نحن في بلد لا يمكنني حتى أن أختار ما أرتديه أو ما هي الموضوعات التي يجب أن أتناولها”، مشيرة إلى مرسوم سابق لـ” 11 قاعدة للصحفيين” تطالب الصحفيين بالحصول على موافقة طالبان قبل بث التقارير.

هناك الكثير ممن ينظرون إلى مرسوم طالبان الذي أعلن يوم الخميس، على أنه أحدث علامة على تصعيد القيود على حريات المرأة والعودة إلى الحكم القمعي الذي كان سائدا في عهد طالبان السابق في أفغانستان من عام 1996 إلى عام 2001.

في وقت سابق من هذا الشهر، أصدرت طالبان مرسوما يجعل ارتداء النقاب إلزاميا في الأماكن العامة. ومنعوا النساء من السفر لأكثر من 72 كيلومترا (45 ميلا) دون محرم (ولي أمر ذكر)، كما منعوا الفتيات من الذهاب إلى المدرسة بعد الصف السادس.

وبحسب نشطاء حقوق الإنسان فإن القيود المتزايدة التي تفرضها طالبان تهدف إلى إبعاد النساء عن الحياة العامة، ومن الواضح أنهم يعتزمون تطبيق المرسوم الأخير على أغطية الوجه.

قالت هيذر بار المديرة المساعدة لقسم حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش، لقناة الجزيرة: “الصحفيات في التلفزيون يظهرن بشكل كبير وسط هجمات طالبان العميقة على حقوق المرأة، مما أعطى الفتيات والنساء ذرة صغيرة من الطمأنينة واليقين بأن بعض النساء لا يزلن قادرات على أداء وظائفهن، وشغل مناصب مهمة، والظهور في الأماكن العامة”.

وقد اتخذت طالبان خطوة كبيرة أخرى نحو هدفها الواضح المتمثل في محو النساء الأفغانيات تماما من الحياة العامة، وذلك من خلال منع هؤلاء النساء فعليا من الظهور بشكل كامل في الأماكن العامة.

ووفقا للتقارير الأخيرة، فإنه قد أدى الارتفاع في التمييز على أساس الجنس في ظل حكم طالبان إلى إجبار العديد من النساء بالفعل على الخروج من وسائل الإعلام الأفغانية.

لقد أظهر استطلاع أجراه الاتحاد الوطني للصحفيين الأفغان صدر في مارس، أن 79 في المائة من الصحفيات الأفغانيات قلن إنهن تعرضن للإهانة والتهديد في ظل حكم طالبان، بما في ذلك التهديدات الجسدية واللفظية وسوء المعاملة من قبل مسؤولي طالبان، بينما قالت 60 في المائة من الصحفيات الأفغانيات اللاتي تم استطلاع آرائهن إنهن فقدن وظائفهن منذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس من العام الماضي.

كما جرى استطلاع آخر على إثر استيلاء طالبان على السلطة يقول بأن أقل من 100 امرأة ما زلن يعملن في وسائل الإعلام في كابول، مشيرا إلى أنه “من بين 510 امرأة كن يعملن في ثمانية من أكبر وسائل الإعلام والمجموعات الصحفية، لا تزال 76 فقط (بما في ذلك 39 صحفية) يعملن حاليا، محذرا من أن الصحفيات في طريقهن للاختفاء من العاصمة.

كما أخبرت الصحفيات في أفغانستان بأن هناك تحديات متزايدة في أداء وظائفهن بسبب القيود التي تفرضها طالبان. وقالت صحافيات من ولاية هرات، إن نعيم الحق حقاني مدير الإعلام والثقافة في حركة طالبان منعهن من حضور مؤتمر صحفي.

وقالت سوسان التي كانت تتمنى أن تصبح مخرجة أفلام وثائقية: “إن القيود منعتها من تحقيق أحلامها”، مضيفة: “أنه في وقت سابق كان بإمكاننا الذهاب إلى مسافات بعيدة لتغطية الأخبار، ولكن الآن أصبح الخروج من وسط المدينة صعبا للغاية. وقالت: “إذا أوقفنا مسؤولون في وزارة الرذيلة والفضيلة في طالبان، فإنهم يسألوننا عن سبب عدم وجود محرم”.

وقد شاركت ماهرة تجارب تمييزية مماثلة قائلة: “منذ حوالي شهر، قمنا بدعوة أحد مسؤولي طالبان للحضور في برنامجي، وتم ترتيب المقابلة من قبل منتجنا، وهو رجل، ولكن عندما دخل المسؤول الاستوديو ورآني، استدار ورفض الانضمام إلى المناقشة، لأنني كنت امرأة، وعندما استفسرته عن المشكلة، قال لي إنه لن يجلس أبدا أمام فتاة لإجراء مقابلة. وقالت أيضا إنه قد تم وضع الصحفيات الأفغانيات في “القائمة السوداء” من قبل مسؤولي طالبان، ويتمثل ذلك في عدم مشاركة مسؤولي الوزارة أي مقابلات أو معلومات. وعندما نوجه إليهم أسئلة، يجيبون بسؤالنا لماذا لا نرتدي الحجاب أو لماذا نرتدي الكعب، أو أين الجوارب. هل تسمي هذه الحرية الإعلامية؟ وأضافت أنه عندما أتحدث معهم، فهم لا يردون علي ويتظاهرون كأنه لا أحد يتحدث، وذلك لإنهم لا يقدرون المرأة كبشر، ناهيك عن السماح لها بأن تكون أو مذيعة أخبار تجلس على نفس الطاولة معهم وتجري مناقشات.

ومن المدهش أنه على الرغم من الحظر المفروض على إظهار الوجوه، تستمر الصحفيات الأفغانيات في ممارسة تغطية الأحداث، فقد قالت سوزان: “عندما أغطي وجهي، فقدت هويتي، لكنني قررت الاستمرار في الظهور على شاشة التلفزيون حتى مع أقنعة الوجه، لأنني لا أريدهم أن يفكروا في أنه من خلال الضغط علينا، يمكنهم القضاء علينا”.

ومع أن إغراء الاستقالة ينشأ كل يوم فقد رفضت ماهرة أيضا الانصياع للضغوط قائلة: “لا يمكنني ملازمة السكوت، لأننا أصوات من لا يسمح له بالذهاب إلى المدارس والجامعات والعمل من الفتيات، فإذا غادرنا فمن سيتحدث نيابة عنهن؟”

وفي الأيام الأخيرة قد ظهر صحفيون على الشاشة يرتدون أقنعة الوجه بهدف إبداء تضامنهم مع زميلاتهم، فقد قال الصحفي إدريس فاروقي لقناة الجزيرة: “نقف إلى جانب زميلاتنا، ونحتج على هذا الأمر، لأننا نعرف مدى صعوبة عرض الأنباء على التلفزيون ووجهك مغطى. كما انتقل الصحفيون والنشطاء في أفغانستان وفي جميع أنحاء العالم إلى وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاج على هذه الخطوة من خلال مشاركة صورهم المغطاة بأقنعة الوجه.

وفي غضون ذلك، قالت ماهرة إن تغطية الأحداث بالنسبة للنساء الأفغانيات تعتبر مقاومة، ولكن على الرغم من ذلك، سأظل موجودا على التلفزيون حتى لو اضطررت إلى ارتداء البرقع، فليس هناك قوة أو ضغط يجعلني أترك وظيفتي، فسأستمر في الإبلاغ عن النساء لأن هذه مقاومة، وسأستمر في المقاومة حتى يتحسن الوضع.

Advertisement
Our Correspondent

Our Correspondent

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *