هل ستصبح جيلجيت – بلتيستان مجالا لمعركة أقوى بلدان العالم في المستقبل؟
من الممكن أن تتحول جيلجيت بالتستان الباكستانية المنعزلة والمهملة، الواقعة في أقصى شمال كشمير المحتلة، إلى ساحة معركة مستقبلية تتحارب فيها القوى العالمية.
هذا، وفي جانب آخر أن الولايات المتحدة التي تألمت في ظل الانسحاب الفوضوي من أفغانستان العام الماضي، ولم تكن في حالة مزاجية للخروج من المنطقة، تريد منع هذا التوسع الصيني المحتمل في جنوب آسيا، وتريد أن تتخذ لها موقعا أماميا خاصا بها.
ومن المهم أن جيلجيت بالتستان تقع على حدود الصين والسياسيين المحليين في المنطقة، ومن بينهم: رئيس حركة كاراكورام الوطنية ممتاز ناجري الذي أعرب عن مخاوفه من أن تتنازل باكستان عن المنطقة للصين مقابل عقد إيجار لسداد ديونها المتزايدة. وقد ذكرت تقارير إعلامية باكستانية أن ناجري يقوم بإيقاظ الناس، ويطلب منهم ألا يخافوا من المخابرات الباكستانية، وأن يكونوا مستعدين للذهاب إلى السجن.
ومن المؤكد أن دول آسيا الوسطى لم تكن في وضع يسمح لها بمساعدة الولايات المتحدة، ولم يكن هناك أي مجال في طلبها من إيران، ورفضت باكستان أيضا بقيادة عمران خان السماح بالدعم العسكري للولايات المتحدة المحرجة التي قالت فيما بعد إنها لم تطلبه منها أبدا.
قال بوب لانسيا مرشح الكونجرس الأمريكي عن ولاية رود آيلاند: “كان بإمكان الولايات المتحدة أن تستفيد في أفغانستان إذا كانت جيلجيت بالتستان في الهند وكانت بلوشستان مستقلة. مضيفا أن جيلجيت بالتستان الخاضعة لسيطرة الهند ستكون أيضا ضربة كبيرة للصين منافس أمريكا الأول، من خلال منع الصين من الوصول المباشر إلى الموانئ على بحر العرب”.
وقال لانسيا أيضا: “إن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان كان له علاقة كبيرة بعدم وجود الهند كشريكة لها”. وقال قسيس البحرية الأمريكية السابق: “كان من الممكن أن تسير الأمور بشكل مختلف لو دخلت أمريكا في شراكة مع الهند أثناء انسحابها من أفغانستان”. وقال السياسي الجمهوري: “إن الولايات المتحدة لم تكن لتضطر إلى الاعتماد على لعبة مزدوجة غير موثوق بها لعبتها باكستان، إذا كانت بلوشستان مستقلة وإذا كانت جيلجيت بالتستان في الهند”.
ومما لا بد من معرفته أن بوب لانسيا عضو سابق في مجلس النواب في رود آيلاند، وإنه يخوض انتخابات مجلس النواب الأمريكي المقرر إجراؤها في نوفمبر من هذا العام من رود آيلاند، كما أنه أخذ “تويتر” للتركيز على الموقع الاستراتيجي للهند وبراعتها الجيوسياسية كلاعب في ضمان مصالح جنوب آسيا في الخريطة العالمية.
قال لانسيا إنه إذا كانت بلوشستان دولة مستقلة، لكان بإمكان الولايات المتحدة استخدامها لتزويد القوات الأمريكية في أفغانستان بدلا من الاعتماد على باكستان. وقد كتب لانسيا بتأييد آراء محلل أمني أمريكي معروف أنه كان من الممكن أن توفر بلوشستان المستقلة وصولا مباشرا للولايات المتحدة إلى أفغانستان لتزويد قواتنا دون الحاجة إلى الاعتماد على باكستان التي كان من الواضح أنها تلعب لعبة مزدوجة. وأضاف أنه قد تم التأكد من أن الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة لأفغانستان يمكن أن يستخدمها اللاعبون الداخليون الباكستانيون لزعزعة الاستقرار في كشمير.
ومن الممكن أن تكون وجهة نظر لانسيا مستقلة، ولكنها قد تلعب دورا كبيرا في حشد الدعم من المجتمع الأمني الغربي، لأن له تفكيرا جيدا في الهند بالمقارنة مع باكستان حيث تتغذى الحكومات المتعاقبة على الإجراءات والدعاية المناهضة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ولا شك في أن تنازل باكستان عن جيلجيت بالتستان التي تحتلها بشكل غير قانوني سيكون بمثابة نعمة عظمى للتوسع الصيني في جنوب آسيا. وقد استفادت الصين من الأراضي في المنطقة التي تنازلت عنها باكستان في وقت سابق.
وقد تساءل المحلل الأمني تارا كارثا عن طريق الكتابة على موقع هندي على شبكة الإنترنت، عما إذا كانت باكستان قد أعطت الصين بالفعل تفويضا مطلقا في جيلجيت بالتستان.
ومن خلال أي خطوة من هذا القبيل يمكن أن تكسب باكستان أموال إيجار ضخمة قد تساعدها في التغلب على مشاكلها الاقتصادية الحالية، غير أن هذا قد يزعج أيضا الولايات المتحدة لرفض أو تأخير خطة الإنقاذ البالغة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، وقد يضع ذلك أيضا باكستان في القائمة السوداء في المستقبل المنظور من الحصول على أموال من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والوكالات العالمية الأخرى. ومن المؤكد أن التحرك على جيلجيت بالتستان لن يكون بالأمر السهل، على الرغم من السيطرة المدنية والعسكرية الكاملة من الحكومة الفيدرالية، لأنه يمكن أن يؤدي إلى احتجاجات محلية.
وقد كتب كارثا أيضا: “في الوقت الذي ينتقل فيه الاقتصاد الباكستاني من أزمة إلى أخرى، بدأت الاحتجاجات العلنية الأولى، وهذا أيضا في الجزء الخاص من كشمير المحتل، بشكل غير قانوني منذ عام 1947. وتوجد حكومة محدودة في منطقتي جيلجيت بالتستان و آزاد كشمير، وبطبيعة الحال يقاوم مسؤولوها التخفيضات الحادة في الميزانية.
هناك تقارير لوسائل الإعلام الباكستانية تشير إلى أن جيلجيت بالتستان يتناقص عدد سكانها بشكل مستمر، وأما الأصحاء فهم يهاجرون مع عائلاتهم أينما حصلوا على عمل وظروف معيشية. ويشير أحد التقارير بشكل مثير للقلق إلى أن تسعة بالمائة من جميع حالات الانتحار في باكستان تحدث في جيلجيت بالتستان.
وبالرغم من توفر الطاقة لبقية البلاد، فإن جيلجيت بالتستان لديها ساعتان فقط من الطاقة المتاحة، لأن المنطقة ليست جزءا من الشبكة الوطنية لباكستان، ومن أجل ذلك تعاني من نقص في الغذاء، ولا تتحكم في الطاقة الكهرومائية أو الموارد الأخرى. ومع وجود مثل هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة في المنطقة، قد تكون هناك مشاكل مع السكان اليائسين، وأما الحكومة الباكستانية فهي غالبا ما تحاول مواجهة الموقف سياسيا وعسكريا من خلال محاولة إفراغ المكان وجعله جاهزا للصين.
ومن غير المرجح أن تتحقق الخطة السابقة لجعل جيلجيت بالتستان مقاطعة، لأنها لا تتطلب المزيد من الموارد المالية فحسب، بل ستمنح أيضا المزيد من السلطة للحكومة الإقليمية، التي سيكون لها رأي في القرارات المتعلقة باستخدام مواردها من باكستان أو الصين. ومن الممكن جدا أن تتحول جيلجيت بالتستان نقطة اضطراب جديدة، إذا رغب الصينيون والأمريكيون في ذلك – وإذا حدث ذلك، فلن يجنب الحكام في إسلام أباد.